المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : استكمال المعرف والغير معرف ......


mmmyyy
03-01-2008, 02:40 AM
السلام عليكم ....
استكمالاً لتوضيح معنى الفقرة الأخيرة، سوف أضرب مثالاً لنماذج رياضية تم تعريفها بما يتفق مع الظواهر الفيزيائية، ألا وهو عمليتي الضرب المعرفة على المتجهات، في حين لا يوجد تعريف لعملية قسمة للمتجهات، هذا المثال يوضح جليًّا أن الرياضيات ليست إبداعًا مجردًا على طول الخط كما يتصوره البعض أو ابتداعًا، وإنما الرياضيات دائمًا تُستنتج لدراسة وتفسير الكون من حولنا، وتوضع تعريفاتها وقواعدها بما يتفق والظواهر الطبيعية، وما يدعو إلى الدهشة أن تأتي التعريفات والقواعد بعد تعددها وتراكمها منسجمة ومتوافقة مع بعضها البعض أو كما يقول المناطقة (متسقة)، ويمكن تفسير هذا الاتساق بين الظواهر الطبيعية والقواعد الرياضية التي وضعت لوصف وصياغة تلك الظواهر هو أنك تبحث في كنزين أعدهما ونسّقهما وصنعهما بل خالقهما واحد لا إله غيره، وقد جاءت كل صنعة متسقة مع الأخرى لأن الصانع واحد ولا يتغير ولا يتبدل، والعلماء في كل جانب ما هم إلاّ مكتشفون فقط لأسرار كل صنعة (صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة) وفي قراءة (صنعة الله ومن أحسن من الله صنعة)، ودعني أسوق لك مثالاً آخر ... وهو: اتجاه الدوران (الموجب/السالب)، ما هو الاتجاه الذي اختاره العلماء ليمثل الاتجاه الموجب؟ ولماذا هذا الاتجاه بالذات؟، وقبل أن نجيب على هذين التساؤلين فلنتذكر أن لفظة الموجب تفيد الايجابية والنماء وهو لفظ تطمئن لسماعه إلاّ في حالة واحدة فقط (عند طبيب التحاليل الطبية – عافانا الله وإياكم من كل سوء)، فاللفظ في غالبه محبوب، إن الاتجاه الذي اختاره العلماء ليمثل الاتجاه الموجب للدوران كما نعرف هو الاتجاه المضاد لحركة عقارب الساعة (التقليدية طبعًا وليست الرقمية)، ولم يختاروا هذا الاتجاه لمجرد أنه ضد اتجاه دوران عقارب الساعة، ولكن في الحقيقة أُختير هذا الاتجاه لأنه هو الاتجاه الطبيعي للدوران، فأنت عندما تنظر إلى الأرض من قطبها الشمالي، سوف تجد أنها تدور حول نفسها في ذات الاتجاه (ضد اتجاه دوران عقارب الساعة)، كما تجد أنها تدور حول الشمس في نفس الاتجاه وكذلك باقي كواكب المجموعة الشمسية، والقمر يدور حول الأرض كذلك ضد اتجاه دوران عقارب الساعة، بل والشمس تدور حول نفسها في ذات الاتجاه، وكذلك حال الأجرام السماوية إذا ما نظرت لأي منها من جهة قطبه الشمالي، سوف تلاحظ أنها تدور في ذات الاتجاه، والغريب أيضًا أن هذا الأسلوب للدوران هو الغالب في دوران الإلكترونات حول النواة داخل الذرّة، ونواة الذرّة تدور حول نفسها مترنحة في ذات الاتجاه، وأول ما يدل عليه هذا التوحد بين الكون الأعظم بأجرامه والكون الدقيق بمكوناته في عملية الدوران (الطواف) أن خالقهما واحد لا يتغير، وأن هذا الخالق خلقهما يدوران أو يطوفان في هذا الاتجاه، وهو بالتأكيد الذي أمر خلقه بالطواف حول الكعبة المشرفة في ذات الاتجاه، وكأن هذه عبادتهما إياه فالكون الأعظم بأجرامه والذرة بأجزائها في عبادة دائمة له سبحانه.
هكذا اختار العلماء الاتجاه الموجب للدوران، فلم تحدده ضرورة منطقية أو بناء واستدلال علمي بقدر ما هو توافق واتساق مع الطبيعة ودون أن يشعرون مع خالقها وخالقهم .....
نكمل الموضوع في حلقة ثالثة