إشارة إلى عصر الغواصات
• إن القرآن العظيم لا يتحدث إلا عن حقائق يقينية واقعة، وبما أن الله تبارك وتعالى قد وصف لنا حالة من يعيش تحت أمواج البحر العميقة، وحاله هي: (إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا). وتعهد بأنه سيرينا آياته رؤية حقيقية ليتبين لكل مشكك بالقرآن أن القرآن حق: (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) [فصلت: 53]. وهذا يعني أنه لا بدّ سيأتي زمن يتأكد فيه الملحد من صدق هذه الآية ويدرك هذه الحقائق إدراكاً يقينياً، وكيف يتأكد يقيناً من صدق هذه الحقيقة العلمية إذا لم ينزل لأعماق البحر ويرى الظلمات ويرى الأمواج أيضاً؟ وتأمل معي الأسلوب الراقي جداً الذي يتعامل فيه القرآن مع أعدائه. فهم ينكرون كلام الله ويشككون بصدق رسوله ورسالته، وهو سبحانه وتعالى يصف لهم أعمالهم الواهية ويعطيهم تشبيهاً علمياً دقيقاً لها! وكأن الله عز وجل يقول لهم انظروا إلى أعمالكم الخاطئة لن توصلكم إلى شيء! فهي كالسراب الذي لن يوصل من يتبعه إلى شيء، وهي كإنسان يعيش تحت بحر عميق يعاني ظلمة البحر وظلمة الماء البارد، ويعاني الضغوط الهائلة التي يمارسها عليه الماء، فكيف ستكون حياته؟ إن هذه الحياة بلا شك تشبه الاضطرابات التي تسببها التيارات العميقة في أعماق المحيط، فإذا أدركتَ أيها الملحد حجم هذه الاضطرابات، فلا بد أنك ستدرك أن أعمالك مضطربة أيضاً، وليست على شيء ولن توصلك إلا إلى الله تعالى ليوفيك حسابك: (وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ).