ما المراد بالأحرف السبعة ؟
اختلف العلماء في المراد بالأحرف السبعة، وتشعبت أقوالهم، وتعددت، و لكننا سنورد أرجح الأقوال وهو قول محمد بن الجزري في بيان المراد بحديث أُنزِلَ القرآن على سبعة أحرف.
قال ابن الجزري: لا زلتُ أستشكل هذا الحديث وأفكر فيه وأمعن النظر من نيف وثلاثين سنة، حتى فتح الله عليّ بما يمكن أن يكون صواباً إن شاء الله.
ذلك أني تتبَّعتُ القراءات صحيحها و شاذها و ضعيفها ومنكرها فإذا هو يرجع اختلافها إلى سبعة أوجه من الاختلاف لا يخرج عنها وذلك:
أولاً: الاختلاف في الحركات بلا تغير في المعنى و الصورة:
نحو: ( البخل ) بأربعة أوجه و ( يحسب ) بوجهين.
ثانياً: الاختلاف في الحركات بتغير المعنى فقط:
نحو: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} [البقرة: 37]، وقُرِءى بنصب " آدمُ " ورفع " كلمات ": {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ}.
ثالثاً: الاختلاف في الحروف بتغير المعنى لا الصورة:
نحو: ( تبلو ) و ( تتلو ) و (ننجيك ببدنك ) و ( ينجيك ببدنك ).
رابعاً: الاختلاف في الحروف بتغير الصورة لا المعنى:
نحو: ( بصطة و بسطة ) ونحو ( الصراط و السراط ).
خامساً: الاختلاف في الحروف بتغير الصورة و المعنى:
نحو: ( فامضوا ، فاسعوا ).
سادساً: الاختلاف في التقديم والتأخير:
نحو: ( فيَقتُلون و يُقتَلون )، قُرءى ( فيُقتَلون و يَقتُلون ).
سابعاً: الاختلاف في الزيادة والنقصان:
نحو: ( أوصى، ووصى ).
قال ابن الجزري: فهذه سبعة لا يخرج الاختلاف عنها.
و هنا لا بد من التوضيح بأن كل كلام الله المنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم منسجم يؤكد بعضه بعضاً ، ويفسر بعضه الآخر، لا تصادم بين نصوصه ولا تنافي بين مدلولاته.
قال تعالى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} [النساء: 82 ]. و هذه الحقيقة تنطبق على القرآن في قراءاته على حرف أو على السبعة بمجموعها. فإنها جميعاً لا تخرج في تفاوتها إلى تصادم النصوص أو تنافي المدلولات، بل التوسعة بالأحرف السبعة لا تُحلُّ حراماً ولا تُحرم حلالاً. قال ابن شهاب الزهري: " بلغني أن تلك السبعة الأحرف إنما هي في الأمر الذي يكون واحداً، لا يختلف في حلال ولا حرام ".
وحكى ابن عطية انعقاد الإجماع على ذلك: " فالإجماع أن التوسعة لم تقع في تحريم حلال، ولا في تحليل حرام، ولا في تغيير شيء من المعاني المذكورة ".