نسمع ونقرأ كثيرا العبارة "لا تعد ولا تحصى" أو "لا تحصى ولا تعد" والتي يراد منها التضخيم والمبالغة. فعندما نقول عن مجموعة أنها "تحصى" فإننا نعني أنها نهائية – مصدر الفعل أحصى جاء من كلمة " الحصى" فقد كان الإنسان في القديم قبل أن يعرف العد بالأرقام يقابل أغنامه بمجموعة من الحصى تساويها ليتأكد من أنها كاملة- وبهذا يدل الإحصاء على عد مجموعة نهائية. أما عندما نقول عن مجموعة أنها "تعد" فإننا نعني أنه يمكن مقابلة كل عناصرها إما مع الأعداد الطبيعية اللانهائيـة(1، 2، 3، ......) فتصبح مجموعة لا نهائية، أو مع

مجموعة جزئية من الأعداد الطبيعية، وفي هذه الحالة الأخيرة فقط نستطيع أن نقول أنها " تحصى". إذن إذا كانت مجموعة ما "تحصى" فهي بالتأكيد معدودة، أما إذا كانت معدودة فلا يعني بالضرورة أن تكون منتهية نستطيع إحصاءها (أي ذكر جميع عناصرها).
إن مفهوم كلمتي "تحصى" و"تعد" يجسد ترجمة بسيطة لمصطلحي (finite) و (countable) على التوالي؛ وهما


من المصلحات المهمة التي يتعرض لها الدارس كثيرا في مواضيع متنوعة يجدها في مواد التحليل والتبولوجي.
وحين تتلو كتاب الله يستوقفك قوله سبحانه وتعالى: "وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها".. أي حتى لو استطعنا أن نعدها بذكر بعضها فلن نستطيع أن نحصيها ونذكرها جميعا لأنها لا نهائية.
هذا مثال على الترابط الكبير بين اللغة وبين المنطق الرياضي، وقد كانت مهمة اللغويين العرب نقل ما نطق به العرب بفطرتهم دون قواعد مدونة كلغة كاملة الأداء والتعبير متماسكة البنية والخصائص ، لكن حين خشي علماء اللغة في العصور المتأخرة من ضياعها واختلاطها بسبب اختلاط اللسان العربي بغيره من الألسنة؛ وجدوا بأن الطريق الأمثل للحفاظ على اللغة هو البدء من المنطق الذي سيساعدهم في وضع قواعد ثابتة لعناصر اللغة والعلاقات بينها ليتوصلوا بالاستقراء الرياضي المنطقي إلى حكم ينطبق عليها ويكون قياسا من أجل الوصول إلى قوانين عامة، وقد قالوا إن النحو منطق لغوي، والمنطق نحو عقلي. فالمنطق هو ميزان الفكر، واللغة هي القالب الذي ينصب فيه الفكر، ولذلك مزجوا النحو بالمنطق لأن القوانين النحوية ما هي إلا نتاج تفاعل العلاقات المنطقية بين الألفاظ والمعاني في وسط فكري سليم مفعل بأدوات المنطق.% م ن ق و ل%

 

 

اشكرك وفقك الله