السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفرق بين الحمد والمدح والشكر [ مقتطف من كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ]:
" الحمد " وصف المحمود بالكمال مع المحبة، والتعظيم؛ الكمال الذاتي، والوصفي، والفعلي؛ فهو كامل في ذاته، وصفاته، وأفعاله؛ ولابد من قيد وهو «المحبة، والتعظيم»؛ قال أهل العلم: «لأن مجرد وصفه بالكمال بدون محبة، ولا تعظيم: لا يسمى حمداً؛ وإنما يسمى مدحاً؛ ولهذا يقع من إنسان لا يحب الممدوح؛ لكنه يريد أن ينال منه شيئاً؛ رجاء منفعة أو دفع مضرة، وتجد بعض الشعراء يقف أمام الأمراء، ثم يأتي لهم بأوصاف عظيمة لا محبة فيهم؛ ولكن محبة في المال الذي يعطونه، أو خوفاً منهم؛ ولكن حمدنا لربنا عز وجل حمد محبة، وتعظيم؛ فلذلك صار لابد من القيد في الحمد أنه وصف المحمود بالكمال مع المحبة، والتعظيم.
الشكر - بخلاف الحمد - مختص بالإنعام الواصل إليك .
الفرق بين " الرحمن " و " الرحيم " :
" الرحمن " : أي ذو الرحمة الواسعة؛ ولهذا جاء على وزن «فَعْلان» الذي يدل على السعة.
" الرحيم " : أي الموصل للرحمة من يشاء من عباده؛ ولهذا جاءت على وزن «فعيل» الدال على وقوع الفعل. فهنا رحمة هي صفته ـ هذه دل عليها الرحمن، ورحمة هي فعله ـ أي إيصال الرحمة إلى المرحوم ـ دلّ عليها الرحيم.
جاء في كتاب " لمسات بيانية للدكتور فاضل السامرائي:
الرحمن - فعلان - من الرحمة، والرحيم: فعيل منها، وصيغة فعلان تفيد الدلالة على الحدوث والتجدد، وذلك نحو عطشان وجوعان وغضبان، ولا تفيد الدلالة على الثبوت، وتفيد أيضا الامتلاء بالوصف.
جاء في التفسير القيم: ألا ترى أنهم يقولون " غضبان " للمتلئ غضبا، وندمان وحيران وسكران ولهفان لمن ملئ بذلك.
انتهى قول ابن القيم.
وصيغة فعيل تدل على الثبوت في الصفة، نحو طويل وجميل وقبيح، أو التحول في الوصف إلى ما يقرب من الثبوت، نحو خطيب وبليغ وكريم.
فجاء بالوصفين " الرحمن الرحيم " للدلالة على صفته الثابتة والمتجددة، هي الرحمة للاحتياط في الوصف، فإنه لو وصف نفسه بأنه رحيم فقط لوقع في النفس أن هذا وصفه الثابت، لكن قد يأتي وقت لا يرحم فيه كالكريم والخطيب، ولو قال " رحمن " فقط لظُنّ أن هذا وصف غير ثابت، كالغضبان والعطشان وهذا الوصف يتحول فيذهب الغضب ويزول العطش، وكذلك الرحمة، فجمع بينهما ليدل على أن وصفه الثابت والمتجدد هو الرحمة، فرحمته دائمة لا تنقطع، وهو من أحسن الجمع بين الوصفين، ولا يؤدي الوصف بأحدهما ما يؤدي اجتماعهما.
..
.