ماهي الرياضيات الحيوية
هو تطبيق الرياضيات على المنظومات الحيوية
ويتغلغل علم «الرياضيات الحيوية» في جميع مستويات المنظومات والوظائف الحيوية، بدءاً من ترتيب الجزيئات الكبيرة الحيوية المتمثلة في طي البروتين وخواص تحديد المواقع النشطة في الإنزيمات والمستقبلات وانتهاء بالغلاف الجوي البيئي بأكمله.
ونجد التجسيد العالي لها في الفيزياء الحيوية وعلى ذلك فإن أحد جذور علم الرياضيات الحيوية، وهو ما كان يسمى أصلاً «الفيزياء الحيوية الرياضية» ومن ناحية أخرى فإن الأبحاث والدراسات المبكرة في علم الرياضيات الحيوية مثل ديناميكيات السكان لم تحاول أن تحذو حذو تلك التحليلات المادية للظواهر الحيوية، وبدلاً من ذلك فإنها استغلت شكل تلك التحليلات مثل المعادلات التفاضلية وعبرت عن تحليلاتها بتغييرات حيوية صريحة بدلاً من المصطلحات الفيزيائية.
وكلا الأسلوبين مهم، وخصوصاً أن الكائنات تتميز بخصائص -وخاصة في نموها وتطورها- ليس لها نظير في المنظومات المادية غير العضوية، وعلى ذلك فقد اكتسب علم الرياضيات الحيوية، طابعاً متميزاً مستقلاً، وفي كثير من الحالات المهمة احتاجت تلك الخصائص إلى إعادة النظر في أسس علم الفيزياء ذاته، كما في تأثير المنظومات المفتوحة على علم «الديناميكا الحرارية» وهو العلم الذي يعنى ببحث العلاقة بين خواص المواد وتفاعلاتها التي تتأثر بالحرارة، وتحول الطاقة من صورة لاخرى
والفكرة الأساسية في علم الرياضيات الحيوية، هي أن أي منظومة رياضية مناسبة يمكن استخدامها بشكل مشابه، كبديل لمنظومة حيوية، ومن ثم يمكن للعلماء معرفة الكثير عن الكائن الحي باستنباط نموذج رياضي مناسب، بالطريقة نفسها التي يعرفون بها العديد من المعلومات عن الإنسان بإجراء التجارب على حيوان معملي بديلاً له، واستخدام النماذج الرياضية، يطرح إمكانات تتجاوز -من جوانب مهمة- ما يمكن عمله بناء على الملاحظة والتجربة فقط.
ويمكن أن يتضح لنا مدى «ثراء» علم الرياضيات الحيوية، لو تعمقنا في استقراء الجذور الرياضية لفكرة البحوث الاستبدالية، فعلى سبيل المثال، يمكن إخفاء الفروقات الشكلية بين السلالات التي تنتمي لبعضها البعض بواسطة تحويلات بسيطة للإحداثيات الفضائية التي تندمج فيها تلك الأشكال.
والبحوث الاستبدالية لها دور مهم أيضاً، في العلاقات الوظيفية المميزة للكائن الحي، سواء أكانت كيميائة أو فيزيائية أو تطورية، وفكرة البحوث الاستبدالية لا تنحصر فقط في علم البيولوجيا إذ إن تطبيقاتها تشمل أيضاً استخدام نماذج مصغرة في التصميمات الهندسية والتطابق والتماثل في الهندسة والجبر، وعموماً في مجالات إجراء حوسبة قياسية التي تعتمد على تمثيل كميات عددية بالقياس المستمر لمتغيرات فعلية.
العلاقة الطولية والتشابه
باستخدام المصطلحات الحديثة جداً، يمكن إعادة صياغة تلك التأكيدات الخاصة بالبحوث الاستبدالية وعمل النماذج الرياضية، «المرتبطة ببعضها ارتباطاً وثيقاً» ويعني هذا ضمنياً «المتشابهة» وهذا تأكيد ذو مغزي، إذ إن «المرتبطة ارتباطاً وثيقا». تعني علاقة طولية محددة مقترنة بالأنماط الوراثية بينما «المتشابهة» ما هي الا علاقة تكافؤ تعتمد على الأنماط الظاهرية، نتيجة التفاعل الوراثي البيئي.
وعلاقة «التشابه» بين الأنماط الوراثية البيئية الملحوظة، هي التي تشكل بالطبع أساس البحوث الاستبدالية.
ما هو المدى الذي يمكن فيه أن يتغير أو يعدل أو تحدث به طفرة وراثية على أن يستمر محتفظاً بهذا التشابه ؟.
مثل هذا السؤال يقع من الوجهة الرياضية، في نطاق نظرية «الاتزان المستقر» وخصوصاً الاتزان البنائي الأساسي، والعلاقات المتبادلة بين «العلاقات الطولية» و«التشابه» أمر عميق جداً ومعقد للغاية.
وفي الظروف العادية، يوجد الكثير من الأطقم الوراثية «الجينومات» غير المستقرة بمعنى أنه مهما ارتفعت درجة التقارب في العلاقات الطولية فإن الأنماط الوراثية البيئية المقترنة بها قد تتباين، أي تكون غير قابلة للتحويل المتبادل .
وهذه الملاحظة التي توصل إليها أحد العلماء، تشكل أساس نظرية «الكوارث» التي تبين مدى تعقيد الارتباطات بين الأبحاث الاستبدالية.
ومن الواضح تماماً، الأهمية الرئيسية لمثل تلك الأفكار الخاصة بظواهر التطور أو النشوء والارتقاء أو استكمال البيانات وتوسيع مداها، من سلالة حية إلى أخرى أو العلاقة بين الصحة والمرض، كذلك فمن المؤكد أن الإطار الرياضي المحكم والمترابط ضروري لتقصي تلك الأفكار.